Translation





المسؤولية الجنائية 

المسؤولية الجنائية هي إلتزام بتحمل الاثار القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة، وموضوع هذا الإلتزام هو فرض عقوبة أو تدبير. 
 فما هي خصائص المسؤولية الجنائية؟ (المبحث الأول) وهل تنطبق على الأشخاص المعنوية؟ (المبحث الثاني). 
المبحث الأول : أحكام المسؤولية الجنائية
 كما سبق وأن تطرقنا سابقا تتحقق الجريمة بتوافر اركانها الثلاث : الركن القانوني، الركن المادي، ثم الركن المعنوي، سواء كانت في شكل جريمة تامة أو محاولة وسواء كان الفاعل واحدا أو من عدة أشخاص مساهمين أو مشاركين إلا أن المسؤولية الجنائية عن هذه الجريمة لا تتحقق إلا إذا كان الفاعل أو الجاني مميزا أو مدركا للفعل أو الامتناع الذي يصدر عنه. فما هي خصائص المسؤولية(المطلب الأول) وما هو أساسها (المطلب الثاني). 
المطلب الأول خصائص المسؤولية الجنائية
 اذا كان يجوز قبول المسؤولية المدنية عن فعل الغيركما في حالة المسؤولية عن الأفعال الضارة التي تقع من التابع،فإن المتبوع يسأل فإن عنها مدنيا. إلا انأن  الأمر ليس بهذه الطريقة اذا يتعلق الامر بالمسؤولية الجنائية عن فعل الغير لأن من خصائص هذه المسؤولية أنها شخصية أي أنها ترتبط بشخص الفاعل دون غيره هو وحده الذي يتحمل التبعات الأفعال الإجرامية التي يرتكبها دون غيره لكن الإستثناء من هذه القاعدة العامة هناك بعض الحالات التي يتم فيها تحميل المسؤولية الجنائية لأشخاص غير الجاني الذي ارتكب الفعل ومن هذه الحالات ما نص عليه الفصل 61 من ظهير 15 نونبر 1918 المتعلق بقانون الصحافة كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم 77.00 أو نشر أو صاحب المطبعة مسؤولا جنائيا عما يترتب عن نشر من بعض الجرائم بصفتهم متهمين رئيسيين. 
المطلب الثاني أساس قيام المسؤولية الجنائية
 لقد أجمع الفقه على أن الجريمة هي مصدر المسؤولية الجنائية  غير أنه اختلفت في تحديد العناصر المطلوبة في الجريمة كأساس  للمسؤولية بين كل من رواد المدرسة التقليدية ورواد المدرسة الوضعية فالمدرسة التقليدية ترى أن أساس المسؤولية الجنائية وجودي ارادة الشخص الذي يتمتع بكامل الإدراك والتمييز وغير ومجبر على إرتكاب الأفعال الجريمة، فالإنسان حر في تصرفاته لكن شريطه ان تتوفر فيه خاصية الإدراك والتمييز وأن يكون قادرا على اختيار تصرفاته وأفعاله وأن يكون متحكما فيها. 
أما اذا كان لا يتوفر على الإدراك والتمييز وكان مجبرا على فعله فإنه في هذه الحالة لا يمكن مسائلته جنائيا وبهذا يكون أساس المسؤولية الجنائية عند المدرسة التقليديه هو الخطأ. 
أما أنصار المدرسة الوضعية يرون بأن الإنسان وليس مخير وبالتالي فان الجانب الذي يرتكب فعلا مجرما لا يعود لإرادته وإنما هناك عوامل خارجية هي التي دفعته إلى إرتكاب الجريمة بسبب مجموعة من الظروف الخارجية كالظروف الإقتصادية أو الاجتماعية أو النفسية او العاطفية. 
وبالتالي فإن المجتمع هو الذي فرضها عليه بسبب الواقع الذي يعيش فيه لهذا فإن مهمة المجتمع تنحصر في الإصلاح والتهذيب إذا فأساس المسؤولية الجنائية عند أنصار هذا الإتجاه لا تقوم على أساس إرتكاب الخطأ وإنما على أساس إجتماعي. 
والواقع أن هذا الإتجاه الأخير لم يحظ بأهمية من طرف التشريعات   الوطنية ومن ضمنها التشريع المغربي الذي اعتمد الرأي الأول باعتباره  يجعل  من الخطأ الجنائي المتمثل في الجريمة أساسا للمسؤولية الجنائية. 
المبحث الثاني :المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي
لقد كان موضوع المسؤولية الجنائية لشخص المعنوي موضع خلاف كبير بين الفقهاء القانون الجنائي فنقسموا إلى فريقين أحدهم يرى عدم إمكانية المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي والآخر يقول بمسائلته، الذين يرون عدم إمكانية مسائلته واستند على مجموعة من الحجج:
1) الشخص المعنوي ما هو إلاوهم  تنقصه الإرادة والتمييز وحرية الإختيار وبالتالي لا يمكن إرتكاب جريمة ولا يمكن نسبة الخطأ إليه اذ لا خطأ دون إرادة آثمة. 
2) إن المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي تناقض مع مبدأ التخصص، فالمشرع اعترف للشخص المعنوي بالوجود من أجل قيامه بأداء مصالح محددة. ولا يعقل أن يتسع نطاق هذه الأغراض لارتكاب الجرائم فارتكاب الجرائم خارج عن نطاق وجوده. 
3) إن القول بمسؤولية الشخص المعنوي يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة كيف يعاقب معنوي  عن جريمة لا يستطيع ارتكاب أركانهاسواء شخص طبيعي. 
4) إن العقوبات التي نص عليها القانون وجدت لتطبق على الشخص الطبيعي. 
 اما الإتجاه الذي يقول ب قيام المسؤولية  الجنائية  فما هي حججهم؟ 
وتتمثل حججهم  :
1) إن الشخص المعنوي  ليس مجرد وهم وإنما حقيقة له  شخصية قانونية مستقلة له وجود وذمة مالية كما أن له إرادة مستقلة عن أصحابه.  فإرادته هي خلاصة المجموع اراء اعضائه والمساهمين فيه ومظهرها  الأوامر والتعليمات  التي ينفذها القانون بإرادة أعماله. 
2) فكما أن الإنسان لا يوجد في الحياة من أجل  إرتكاب فعل جرمي، إذا ليست الغاية من حياته ارتكاب جريمة، كذلك فإن الشخص المعنوي ليس غايه وجوده إرتكاب الجرائم إلا أنه من الممكن أن يلقى من المعروف ان الشخص المعنوي يكافئ على أعماله الجيدة فمن العدالة  أن يحاسب على أعماله السيئة التي يقترفها. 
3) يمكن تطبيق على الشخص المعنوي، ولكن بما يتلائم مع طبيعته كحل الشخص المعنوي بالإضافة إلى الغرامة والمصادر.
لكل هذه الأسباب ذهب جانب كبير من التشريعات الحديثة إلى الإعتراف بالمسؤولية الجنائية الشخص المعنوي ومن ضمنها المشرع المغربي في الفصل  127 من القانون الجنائي والذي نص أن  الشخص المعنوي المسؤول جنائيا لا يمكن أن تطبق في مواجهته إلا العقوبات المالية والعقوبات الإضافية المنصوص عليها في الفصل 36 إضافة إلى التدابير الوقائية المنصوص عليها في الفصل 62 من القانون الجنائي. 


 

تابعونا من هنا

أكتب تعليق

أحدث أقدم

دروس قانونية

{getBlock} $results={دروس في القانون} $label={#} $type={col-left} $color={#1abc9c}